غابة متحجرة في السودان تواجه خطرا كبيرا
حذر مختصون في مجال البيئة والغابات من الإهمال الكبير الذي يطال غابة متحجرة في منطقة صحراوية تمتد على مساحة واسعة في شمال السودان.
تتناثر الغابة المتحجرة على مسافة أكثر من 900 كيلومترا ممتدة من شمال العاصمة السودانية الخرطوم وحتى قرب مدينة وادي حلفا في أقصى شمال البلاد مجموعة من الأشجار المتحجرة التي توجد على مساحة 4500 فدان؛ أي أكثر من 400 كيلومتر.
يعود تاريخ هذه الغابة وفقا لروايات غير مؤكدة إلى نحو 130مليون سنة.
تتركز تلك الأشجار المتحجرة؛ بشكل أكبر في غابة مساحتها نحو 61 فدان في منطقة الكرو الأثرية التي تبعد نحو 200 كيلومترا عن الخرطوم؛ ويعتقد أنها تحمل حقائق وأسرار تاريخية مذهلة.
خطر ضياع الكنز
لكن تلك الأشجار المتحجرة شهدت خلال الفترة الأخيرة تناقصا كبيرا؛ بسبب التعدي عليها وأخذها للاستخدام كقطع جمالية تزين مداخل مباني فاخرة في عدد من مدن البلاد؛ مما دفع بخبراء ومختصون للتحذير من احتمال ضياع هذا الكنز الأثري الذي يحمل مؤشرات على ان التغير المناخي الذي نعيشه حاليا ليس وليد السنوات القليلة الماضية بل بدأ قبل عشرات الملايين من السنين.
حقيقة الغابة
تختلف الروايات حول طبيعة وظهور تلك الغابة؛ ففي حين يشير البعض إلى أن تحجر أشجارها كان نتاج لتغيرات مناخية ضربت البلاد منذ عشرات الملايين من السنين؛ تشير رواية أخرى إلى أن تحجر الغابة جاء بسبب سقوط نيزك في المنطقة، لكن لا يعرف بالتحديد وقت وقوعه.
تتفق معظم الآراء على أن ظهور تلك الغابة إلى السطح مرة أخرى بدأ في تسعينيات القرن الماضي بعد أن تسبب الزحف الصحراوي في إزاحة الرمال التي كانت تغطيها.
يؤكد عبد الرحمن علي خبير الآثار ومستشار هيئة اليونسكو أن هذه الأشجار المتحجرة هي نتيجة تحول مناخ منطقة شمال السودان من المناخ البارد جدا إلى المناخ الصحراوي الحار؛ حيث كانت المنطقة عبارة عن محيط كبير تحول مع مرور الزمن إلى مستنقعات توالدت فيها أشجار ثم تحولت تلك المستنقعات إلى صحراء جرداء، مما أدى إلى تحجر تلك الأشجار.
ويقول علي لموقع سكاي نيوز عربية إن لهذه الغابات المتحجرة أهمية تاريخية وأثرية كبيرة ويمكن أن تقود دراستها إلى اكتشافات مذهلة قد تغير وجه المنطقة بأكملها.
يشدد مستشار اليونسكو على ضرورة الالتفات سريعا لحماية تلك الغابة المتحجرة التي يمكن أن تشكل موردا سياحيا وتاريخيا مهما للبلاد.
مدلولات علمية وتاريخية
وفقا للخبير وأستاذ علوم الغابات في الجامعات السودانية طلعت دفع الله عبد الماجد؛ فإن هذه الغابة تكتسب أهمية كبيرة ويمكن أن تقود للوصول إلى مؤشرات ذات مدلولات علمية وتاريخية كبيرة.
يقول عبدالواجد لموقع سكاي نيوز عربية إن الدراسات والبحوث المتعلقة بهذه الغابة شحيحة جدا؛ لكنه بشير إلى ضرورة التعاون بين هيئتي الغابات والآثار للوصول إلى خصائص ومواصفات الأشجار المتحجرة، ووضع الأسس اللازمة للحفاظ عليها، وجمع البيانات وتوفير المتطلبات اللازمة لتسجيلها كموقع للتراث القومي والعالمي بمنظمة اليونسكو.
يشدد عبد الماجد على أنه لا يمكن الجزم بعمر هذه الغابة، أو تحديده بشكل دقيق. وأن معرفة عمر الأشجار يتم من خلال حلقات النمو؛ لكن نظرا لأن هذه أشجار متحجرة فمن الصعب تطبيق هذه الطريقة.
في ظل اتفاق عام على أهميتها التاريخية؛ طالب نشطاء بيئيون الدولة بحماية تلك الغابة وتحويلها لمحميات طبيعية نظرا لما تحمله الأشجار المتحجرة الموجودة فيها من خصائص تؤشر إلى وجود أشجار مثل الصنوبر وغيرها من الأشجار التي لا تنمو إلا في المناطق الباردة.