بعد حديث فولكر.. الجيش والدعم السريع.. هل يتواجهان!

أعاد تحذير المبعوث الأممي في السودان فولكر بيرتس من أن المواجهة بين الجيش السوداني والدعم السريع واردة لكنها غير مرجحة، هذا الحديث أعاد إلى الأذهان حالة التوترات  وتصاعد حدة المناوشات الكلامية بين رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو التي نشبت في الأسابيع الماضية. تحذيرات بيرتس من شأنها أن تفتح باب التكهنات على مصراعيه حول حقيقة المواجهة المحتدمة بين الجيش والدعم السريع، إلى جانب ماهي المرجعية التي استند عليها فولكر اتجاه ذلك، وهل هنالك رسائل مبطنة يسعى المبعوث الأممي إلى توجيهها؟

مواجهة محتدمة

وتحذيرات فولكر بحسب مراقبين تنبئ بأن الخلاف سيكون مابين الجيش والدعم السريع حول المواقيت الزمنية المضروبة اتجاه عمليات دمج قوات الدعم السريع، كما نص الاتفاق الإطاري بذلك، وكان أن حذر فولكر في تصريحات خاصة لـ(العربية)، من بوادر حرب مواجهات بين الجيش والدعم السريع،  مشيراً إلى أن إصلاح المؤسسة العسكرية يحتاج لأكثر من 6 سنوات، ودمج الدعم السريع داخل الجيش يحتاج أكثر من 5 سنوات.

خط النيران

وفي غضون ذلك يبدو أن المناوشات المكتومة التي كانت تدور رحاهها ضمن نطاق محدود داخل أضابير باحات القصر الرئاسي بالخرطوم، مابين الرجلين الأرفع  منصباً في الدولة  بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد القوات المسلحة  الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، يبدو بأن هذه المناوشات المكتومة تحولت إلى علنية بفضل  تحذيرات المبعوث الأممي فولكر بيرتس، وذلك استناداً على حمى التصريحات والتصريحات المضادة التي أشعلت خط المواجهة بين القائدين، مما قد ينذر بأن تتحول التصريحات المتضاربة مابين الرجلين إلى تصريحات تحملها أسنة الرماح وأفواه البنادق، بدلاً من الحوار نتيجة التناقض الذي ظهر مؤخراً حول مواقف كلا القائدين حول العملية السياسية على نطاق الاتفاق الإطاري. ولربما مخرجات وتوصيات مؤتمر هيكلة وإصلاح الأجهزة الأمنية هو ما يعيد خلافات الجيش والدعم السريع إلى خط المواجهة مجدداً أمام خطوط النيران.

شرعية زائفة

وقال القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار إن تحذيرات فولكر تمثل رسالة واضحة للرافضين للعملية السياسية، مفادها بأن عليكم أن تلحقوا بقطار الاتفاق الإطاري قبل العسكر “يكوشوا على كل شي  ويجوطها ليكم تاني” بحسب تعبيره، لافتاً  بأن الاتفاق الإطاري هو الذي كرث شرعية زائفة للدعم السريع، حينما وصفها بأنها قوات رديفة للقوات المسلحة. وأكد كرار لـ(الحراك) أن تحذيرات فولكر يجب أن تؤخذ على محمل الجد، خصوصاً وأن الرجل أصبح مطلعاً على كل الملفات الحساسة والهامة في الدولة، وبالتالي فإن حديثه عن المواجهة بين الجيش والدعم السريع ربما تكون وشيكة، بيد أنه عاد وقال: إن  فولكر يريد البكاء على اللبن المسكوب.

تعثر الدمج

وبالمقابل حذر رئيس الحزب الاتحادي الموحد محمد عصمت يحيى  من مخاطر تمدُد الخلاف بين الجيش والدعم السريع، من خلاف حول عودة الحكم المدني إلى صراع عسكري سيدخل البلاد في أتون حرب يصعب جداً توقُع مآلاتها. واتهم عصمت جهة خارجية لم يسمها قال تعمل على تأجيج الخلاف بين الجيش والدعم السريع، حتى تتعثر عملية الدمج وبالتالي يصعُب قيام جيش قومي قوي وموحد قادر على استرداد أراضيه وحماية حدود بلاده. وأضاف  نحذر كل القائمين على أمر البلاد من مدنيين وعسكريين من المحاولات الجارية الآن لإشعال فتيل بين الجيش والدعم السريع، وهو ما يحقق أحد الأهداف الإستراتيجية الخارجية وأهمها إضعاف الجيش السوداني، بحيث يصبح غير قادر على حفظ وحماية حدود بلادنا. وقال: إن دمج الدعم السريع وجيوش الحركات غير الموقعة والموقعة في الجيش السوداني، يجب أن يكون خياراً إستراتيجياً لأمننا القومي، وأن نجتهد جميعاً وبكل الهمة الوطنية المطلوبة على تنفيذه.

مواقف متباينة

وبحسب الخبراء الاستراتيجيين أن تصريحات البرهان وحميدتي خصوصاً في الآونة الأخيرة حملت بداخلها مواقف متبادلة ومناقضة بين الرجلين، بحيث أضحت “الكلمة ورد غطاها” سجالاً يدور في العلن بين القائدين اللذان يوحيان بأنهما يسيران في ذات الخط لكن ضمن اتجاهات متعاكسة. وعلى النقيض من مواقفه التي اتصف بها في المخاشنة العسكرية علاوة على محاولات شيطنته من قبل بعض الجهات، يحاول نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، أن يثبت للجميع بأنه يمكن أن يكون سياسياً من الطراز الأول رغم ارتدائه للبزة العسكرية.

وفي ذات الاتجاه يرى الخبير الاستراتيجي اللواء (معاش)  أمين إسماعيل مجذوب أن مسألة دمج الدمع السريع في الجيش، أظهرت التباين هنا وهنالك وأضاف بالتالي أي محاولة للاستنتاج أن هنالك خلافات بين الرجلين، يصعب وضعها  في مكانها الصحيح، لافتاً إلى وجود  إرباك كبير في معرفة رأي المؤسسة العسكرية، علاوة على أن هنالك  تكهنات بأن الخلافات بين الرجلين كانت منذ أوقات باكرة، مبيناً بأن الحديث عن المواجهات بين الرجلين تمثل  مناورة.

استهلاك سياسي

وبحسب محللين سياسيين فإن الحديث عن خلاف بين الجيش والدعم السريع في هذه المواقيت المفصلية في أعقاب خواتيم العملية السياسية، لايعدو كونه حديثاً للاستهلاك السياسي وليس إلا، هوعلى عكس مايتبادر للأذهان فالرجلان على مستوى قيادتهما للأجهزة العسكرية يعملان وفق تناغم تام، وإن كان هنالك خلاف بينهما قد يأتي في سياق وجودهم في رئاسة مجلس السيادة.

ومن جانبه أكد المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة أمدرمان الإسلامية بروف حسن الساعوري، أنه لا يتوقع حدوث مواجهات بين الجيش والدعم السريع. وشدد بأن حديث فولكر للاستهلاك السياسي مشيراً بأن التعهدات التي قطعها قائد الدعم السريع تجعل من المستحيل أن يرفع الرجل السلاح في وجه القوات المسلحة، لافتاً بأن تحذيرات فولكر كانت عبارة عن  رسائل مبطنة يريد الرجل إرسالها إلى قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، بأن لا تستعجل في مسألة دمج الدعم السريع، وتترك الأمر للمواقيت الزمنية التي اقترحها الخبراء والتي حددت بالخمس سنوات.

الحراك السياسي

زر الذهاب إلى الأعلى